CLICK HERE FOR BLOGGER TEMPLATES AND MYSPACE LAYOUTS »

2008/12/05

ولا خطر علي قلب بشر..........!!

جالسا في الشارع امام المسجد الذي اعتدت ان اصلي فيه منذ ان كنت بالمرحله الاعداديه استمع لخطبه الجمعه....لا اتذكر تحديدا موضوع الخطبه او محتواها ولكنها كانت خطبه معتاده ولا جديد فيها ...جيده ولكنها معتاده!! ولكن بضع كلمات فيها علقت في ذهني وجعلتها خطبه مميزه بالنسبه لي...كان الامام يتحدث عن الجنه مذكرا ايانا بأحواض من لبن وعسل تنتظر الفائزين بالجنه!! هذه هي الكلمات احواض من لبن وعسل!!
.................................................................................................
من المدهش ان معظمنا-ان لم نكن جميعنا- يعرف جيدا اوصاف النار ويعرف الكثير والكثير عن عذاب القبر وعذاب اهل النار والسلاسل والمقامع!! وتسمع العديد من الحكايات عن كيفيه هذا العذاب والتي تكون اغلبها او معظمها خرافات او حتي اسرائيليات مدسوسه!! ولكن حين تسأل عن الجنه تجد ان كفتا الميزان تفتقدا التوازن!! و ان كفه العذاب هي الراجحه...وتتعاظم الدهشه حين تتمعن في الاجابات التي حصلت عليها...فأول هذه الاجابات تنحصر في كون الجنه "حاجه حلوه!!" وكأنك تسأل طفلاً صغيراً !!واذا تخطيت هذه الاجابات "الحلوه" تجد الوصف بعد ذلك يتعلق حول الحور العين والثمار الدانيه وعن قصور اللؤلؤ وعن الثياب السندسيه وعن الانهار التي تجري من تحت اقدامهم!! وقبل ان يتهمني احد بالجنون او حتي بالخروج عن المله لأعتراضي علي هذه الاوصاف وهذه النعم والهبات التي كتبها الله لعباده الاخيار...قبل ان يغلق احدا هذه الصفحه ويتوقف عن القراءه...قبل كل هذا كله... اقول.....اقول اني لم اعترض او انكر ...اني لا اجد كل هذا اشياء عاديه او مألوفه...فأنا مثل جميع الناس اطمع واتمني هذه الجنان واعيش وانا اعبد الله عز وجل علي امل ان اكون من من يظلهم الله بظله يوم لا ظل الا ظله!! نعم احلم بحور عين لم يمسسهن بشر قبلي...اطمع في قصر من اللؤلؤ علي ضفاف احد انهار الجنه ...اتمني ان يكون لي الاف من الخدم يلبون رغباتي ...اريد ان امشي في بساتين قطوفها دانيه وان اشتهي الامر فأجده امامي...نعم اتمني كل هذا واريده بقوه ولكن السؤال الان لأولي الالباب....السؤال الان عن النسبه!! عن نسبه ما يشكله كل ما ذكرت من اجمالي نعيم الجنه؟!!
.................................................................................................
سبب الدهشه الحقيقي في ان ما نعرفه عن النار اكثر مما نعرفه عن الجنه هو ان النقيض هو المفترض!!فالبديهي والمتوقع ان نعبد الله عز وجل طمعاً في رضاه وتقرباً اليه واملاً في دخول جنته...المفترض ان نسعي وراء الجزره قبل ان نخاف من العصا!!العقل يقول اننا من الطبيعي ان نعرف كل صغيره وكبيره عن الجنه فهي الهدف الذي نسعي جميعا خلفه...ليس من الطبيعي فقط وانما هذا هو المفترض والمطلوب من كل شخص منا!! فعلي قدر ما تري امامك علي قدر ما تستطيع ان تسير...وكلما كانت تعرف وجهتك اكثر كلما وصلت اليها اسرع....وطالما هدفك واضح ومحدد ومعروف بدقه وكل التفاصيل الممكن الحصول عليه معروفه ومحفوظه عن ظهر قلب فأحتمالات انحرافك عن هدفك وابتعادك عنه لن تبتعد كثيرا عن الصفر!!!
هذا هو اساس علم التخطيط والادراه...هذا هو ما اقام الغرب من عصوره المظلمه وجعله يسود العالم!!هذا هو طريق الوصول الي اي هدف فما بالك بأكبر واعظم واهم هدف!!!!!بالتأكيد حساب المخاطر والعواقب امر ضروري ولا عني عنه ...فهو ضمان ثبات واستقرار السفينه في رحلتها...فالتوازن بين الشهوه والعقاب هو الذي ينجي صاحبه ويدفعه بعيدا عن الامواج الي بر الامان....ولكن الترتيب مهم هنا!!! فمن يأتي قبل من؟!!
"نحن نعبد الله خوفا وطمعا" هذه هي اجابه السؤال الازلي ....لن اتجرأ واقول انها يجب ان تكون حبا و خوفا ...ولكن علي الاقل طمعا وخوفا!!
ان ياتي طمعنا ورغبتنا وشهوتنا في دخول الجنه ورؤيه وجهه الكريم قبل خوفنا من ناره وعقابه!! اعتقد ان هذا هو المفترض...فالله لم يخلقنا و يستخلفنا في الارض ليعذبنا او يخيفنا بالنار والعذاب...الله اختارنا نحن من بين جميع الانفس التي كان من الممكن ان تخلق بدل منا لسبب واحد فقط...لانه يحبنا ....ولذلك تفضل علينا ونفخ فينا من روحه!!......أنقابل الحب اولا بالخوف والرهبه؟!! ام بالحب والشكر والعرفان والرغبه في التقرب ونيل رضا؟!!!............................. حبا اولا قبل خوفاً!!
.................................................................................................
عن الجنه نتحدث!! لن ادعي انني علي علم بما اعده الله لعباده الصالحين في جنات النعيم...فأنا اجهل اهل الارض بكل شيء....ولكن تكفيني ثلاث كلمات فقط لأشعر بعظمه وجمال ما ينتظرني اذا التزمت الصراط المستقيم وشهدت حقا انه لا معبود بحق فالكون الا الله!!
كنت اجلس يوما استمع لخطبه الجمعه حين اخترقت هذه الكلمات اذني "احواض من لبن وعسل" لن ادعي انني انبهرت فورا حين سمع هذه الكلمات ورأيت انها تصلح ان تكون وصفا للجنه!! ما حدث انني تخيلت انني اجلس في حوض مليء بالبن ام العسل واخذت اتخيل المتعه الناتجه....فلم اجدها شيئا تذكر !! ما الجمال في حوض مليء بالعسل؟!! لم يدم تسألي طويلا اذا جائتني الكلمات بما اراح قلبي وعقلي وملأهما بالطمأنينه!!
"ما لا عين رأت..."
يالله...كل مارأته عيني في حياتي كلها من نعيم و جمال ومظاهر للرفاهيه والراحه...كل ما رأيت من نساء واطفال وقصور وخدم وشواطيء وطعام وشراب...كل الاموال والبساتين والسيارات والطائرات ....كل الفنادق الفاخره والمنتجعات السياحيه الساحره....كل عطور الدنيا والوانها...كل ما رأيت من وسائل ترفيه...كل هذا لا يساوي شيئا في نعيم الجنه وجمالها!!
حتي الاشياء التي نسمع عنها في الجنه ولها مثيل في دنيانا لن تكون مثل ما رأيناه في الدنيا!! ففاكهه الجنه لا علاقه لا بفاكهه الدنيا حتي وان تشاركا الاسم!! وقس علي هذا المنوال....اعد الله لعباده في جنته اشياء لا قبل لهم بها في الدنيا...اشياء لا تسطيع الدنيا ان تحتويها وتحتفظ بها لتراها عين بني ادم!! .........وقبل ان اكمل تخيلي جائتني الكلمه الثانيه لتنقلني الي عوالم اخري من النعيم والترقب!
"...ولا أذن سمعت..."
سبحان الله...حتي اذا تتطاول احدهم قائلا في الدنيا يوجد نعيم رائع لم تشهده عينه ولكنه موجود وسمع عنه ويتجرأ و يصفه بالجنه يطمأن الله عباده بأن نعيم جنته هو النعيم!! وكل ما سواه باطل !! فما اعد لهم لم يره احد ليحدث عنه او يخبر به ....فهو نعيم رباني هبه من الله الي عباده الاخيار...مهما سمعت عن نعيم في الدنيا او روي لك عن ملوك او اباطره لديهم ولديهم فأعلم ان كل ذلك مثله كمثل الصفر علي يسار الرقم الصحيح بالنسبه للجنه!! الجنه معده لنا منذ ان خلق الله ادم ولم يدخلها احدا قبلنا ابدا ....فهي معده لنا ومستعده لأستقبالنا بما فيها من نعيم و رفاهيه تأثر الالباب!!
"...ولا خطر علي قلب بشر!!"
اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك!! هنا حقا لم يستطع عقلي الصمود والمتابعه!! فما اروع هذا المعني واسماه!! هل تدركون معني هذه الجمله التي لا تتعدي كلمتها اصابع اليد الواحده؟!!
الله سبحانه وتعالي يقول لنا نحن عباده اننا مهما حاولنا ان نفكر او نتخيل او حتي نتوقع ماهيه الجنه ونعيمها فلن نصل الا الي قشور القشور!!
كل تخيلاتنا واحلامنا وقصصنا وتوهمتنا....كل ما كتبت وقرأتموه قبل قليل لا يمثل الا نقطه من مياه بحار الارض!!
ربنا عز وجل يخبرنا انه اعد لنا ما يفوق قدرتنا علي التخيل والتصور....مهما خطر لك من خواطر وصور غن الجنه واحسست كما هي رأئعه - او حتي شعرت انها عاديه!!- فالحقيقه اروع واجمل من ذلك عدد لا نهائي من المرات!! الجنه والنعيم المعد لنا لا يحتمله قلب او ادراك بشر!! فلنتخيل ونتصور كلنا الجنه ونعيمها ولنجمع مجموع تخيلاتنا وخواطرنا سويا فلن نجدها تشكل شئ يذكر بجانب الحقيقه والنعيم المنتظر!! فالحقيقه اروع بكثير من تصورنا ...الجنه اجمل من اجمل احلامنا ...انهارها وقصورها ...بساتينها وحدائقها ....اهلها وثيابهم ...الخدم والطعام.....كل ذلك النعيم الذي يملأ القلب نورا وسعاده وطمأنينه كل هذا لا يرتقي ابدا الي حقيقه ونعيم الجنه!!
كل احلامنا وصورنا وامانينا وحتي اوهامنا هناك ما هو اجمل منها واطهر منها واسمي منها واعظم منها....أوليس الله هو القائل ولا خطر علي قلب بشر!!!
.................................................................................................
سؤال اخير لأولي الالباب....كم يشكل كل هذا النعيم (المادي) من اجمالي نعيم الجنه؟!!.....مع تسليمنا الكامل ان الجنه اكبر واروع من تخيلات عقولنا القاصره الا اننا يجب ان نبحث ونعرف كل ما يمكن ان يعرف....فالنعيم بهذه الصوره الهدف منه هو دفعنا وتحفيزنا للسعي اليه وليس دفعنا الي الكف عن البحث والتخيل بحجه اننا لن نصل ابدا الي الحقيقه!!
السؤال مره اخري عن النسبه...نسبه الماديه الي الاجمالي!!
واذا شئنا الدقه واردنا ان نجد اجابه حقيقه لهذا السؤال الهام فحريا بنا ان نقسم هذا السؤال لجزئين...الاول ما المقصود بالمادي؟!! والثاني نسبته بالنسبه لماذا تحديدا؟!!
بالنسبه للجزء الاول فالمقصود بالمادي هو المادي!! النعيم المادي الذي نشعر به بحواسنا الخمسه...نراه بأعيننا ونسمعه بأذاننا...تشتم عبيره بأنوفنا ونكتشف ملمسه بأيدنيا...ونشعر بمذاقه بألسنتنا!!!هذا هو المقصود بالمادي...الطعام و الشراب والثياب والقصور والانهار والحور العين....هذا هو!!
ما الخطوه التاليه أذن؟!!....باقي السؤال...نسبه هذا النعيم المادي بالنسبه لماذا تحديدا؟!!!......الاجابه ...بالنسبه لجوهر الجنه الحقيقي!! بالنسبه للنعيم الاعظم!!
.................................................................................................
ما هو اجمل شيء فالجنه؟!! سؤال يبدو غريبا نوعا ما بعد هذا الوصف للجنه ونعيمها...ولكنه في حقيقته ليس غريبا او مكررا ...علي العكس تماما انه الامتداد الطبيعي لرحله بحثنا عن الجنه واصلها وماهيتها!!
هل من الممكن ان يكون كل نعيم الجنه مادي بحت؟!!هل من المعقول ان تكون الجنه هدفها اشباع رغباتنا وشهوتنا الماديه فقط؟!!
اذا كنا نعرف ربنا حق قدره فأجبتنا ستكون نفيا بالأجماع!!
جوهر الحنه واجمل ما فيها هو اننا سنعود مره اخري الي خالقنا...انا لله وانا اليه راجعون....اروع ما في الجنه ان تسكن بجوار الله عز وجل ...ان تكون بجوار محمد ابن عبد الله عبده ورسوله ...سيد ولد ادم واحب الخلق الي نفسك واحب العباد الي الله ....جوهر الجنه ونعيمها الحقيقي يكمن في ان تتخلص من كل هموم الدنيا وفنائها وماديتها!! ان تودع القلق والخوف والتوتر....ان يملأ النور والطمأنينه قلبك...لا صراعات ولا مشاحنات بعد الان...لا يوجد ما تقلق عليه ولا توجد هم لتحمله!! هناك يوجد الصفاء والهدوء والجمال...هنالك الراحه والطمأنينه والسكون ....هناك السكينه والنور....هناك تهديء نفوسنا وتسمو ...هناك ....هناك توجد اعظم واكبر جائزه يمكن ان تكون....هناك توجد النهايه والبدايه....هناك عند سدره المنتهي ينتظر الله عباده الاخيار بأعظم واروع واجمل استقبال في الكون
هناك نعمه اكبر من الجنه ذاتها!!
ان نري وجهه الكريم عز وجل!!
هناك حيث لا حيث وعند لا عند...حين تتلاشي النسبيه وتذوب لتري بعينك الاطلاق المطلق....حين يتجلي ربنا جل وعلا ويتفضل علينا ويسمح لنا برؤيه وجهه الكريم....حينها ......حينها نكون قد وصلنا حقا ...حينها نكون قد حصلنا علي الجائزه وحينها ...حينها لا اعرف ماذا يمكن ان يقال حينها ....فهنيئاً لمن يتواجد حينها.
تمت.